جولة لـ”العمل” في دمياط قلعة صناعة الأثاث ..التمويل والتسويق أبرز التحديات

228 مليون جنيه لدعم 5156 مشروع أثاث وموبيليا ومنتجات خشبية في “المحافظة” لتوفير 16 ألف فرصة عمل جديدة.

تحقيق– سماح الصعيدي

تعتبر صناعة الأثاث في مصر من أقدم الصناعات التي عرفها المصريون وبرعوا فيها بشكل لافت، نظراً لتوافر العمالة الماهرة على مدار الحقب الزمنية فهي صناعة عريقة تتميز بمستوى حرفي مرتفع وتمر صناعة الأثاث بعدة مراحل للإنتاج، بما فيها: تقطيع الأخشاب،النجارة،لصق القشرة،الحفر،الدهان،التلميع التنجيد، والتجميع؛ کما تحتوي على صناعات داعمة، منها على سبيل المثال: صناعة الزجاج، صناعة الرخام، الإکسسوارات المعدنية وغيرها.

وتربعت محافظة دمياط علي عرش  تلك الصناعة لعقود طويلة محققة فيها تميزا كبيرا حيث تتميز المدينة بموقعها الجغرافي حيث تقع علي بعد 13 كم من البحر الآبيض المتوسط علي الضفة اليمني الشرقية لنهر النيل ، ويقع ميناء دمياط علي خط طول 31.8 وخط عرض 31.4 علي الساحل الشمالي بين مدينتي بورسعيد والإسكندرية مما أتاح لها الانفتاح علي العالم وتخفيض تكلفة الشحن في الصادرات الخارجية ومواكبة السوق العالمي.

ويعتمد جزء كبير من اقتصاد المحافظة على تلك المهنة، لكنها شهدت مؤخرا العديد من التحديات التي أثرت سلبا عليها، مما استدعى الدولة للتدخل المباشر سواء بإنشاء مشروع مدينة دمياط للأثاث أوبتقديم تسهيلات للحصول على قروض ميسرة ساعدت الكثير من الصناع على الاستمرار والوجود بقوة في سوق العمل.

“تجولت “مجلة العمل ” داخل شارع عبد الرحمن أحد أشهر شوارع محافظة دمياط  حيث إكتسب شهرته الواسعة من بيع الأثاث، وعرف بجميع أنواع الأثاث ومختلف الأسعاروهو ما جعله قبلة مواطني جميع المحافظات ويضم  العديد من الورش والمعارض.

في البداية قال عادل أبو سمرة  بإحدي الورش إنه اتخذ هذه الحرفة وتعلمها عن والده منذ عام  1985 مشيرا إلي أن من أكثر المعوقات التي تواجه هذه الصناعة عدم وجود ضوابط علي أسعار الخامات مما جعل بعض أصحاب الورش يعزفون عنها، هذه الصنعة التي كانوا يمتلكون فيها مهارات عالية إلي جانب إستعانة بعض الورش بالتطوير الألي الذي أفقد المنتجات اللمسات الفنية  مما أثر بالسلب علي المهنة.

ويشاركه الرأي فكري صاحب معرض وورشة قائلأ: أسعار الخامات وبدائلها إرتفعت بشكل كبير وكل ما هو قائم على صناعة الموبيليا إلي جانب إرتفاع تكاليف المعرض والورش من مصاريف الكهرباء وأجور العمال وغيرها، مقترحا تفعيل دور الغرفة التجارية وألا تكون مقصورة علي تجار بعينهم فقط .

*” الجمعية التعاونية “

ويشير حمدي أحمد المقدم رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للموبيليا في دمياط التي أسست في عام 1959 إلي الدور المهم الذي تقدمه هذه الجمعية التي تضم أكثر من 14 فرعا في جميع المحافظات لحماية حقوق الحرفيين وتقدم لهم الدعم في كافة الخامات من  خلال  بطاقة مدعمة ، إلي جانب توفير عقود تشغيل واستمر ذلك حتي نهاية الثمانيات،حتي جاء الانفتاح فلم يعد للجمعية دورا ،مطالبا بتفعيل هيئة التصنيع بوزارة الإنتاج الحربي الخاصة بمستلزمات الموبيليا محليا عوضا عن الإستيراد ،مع ضرورة  العمل علي التوسع في زراعة الأشجار الخاصة بصناعة الموبيليا ، وتخفيض الضرائب ( القيمة المضافة ) علي الصانع الدمياطي.

التحديات

وفي سياق متصل يقول صلاح مصباح عضو مجلس الشوري الأسبق: أن المعوقات التي تواجه الصانع الصغير خلال مراحل التصنيع كالتصميم والتشطيب وتمويل جميع مراحل الإنتاج المختلفة هي عدم ثبات أسعار الخامات إذ أنها في إرتفاع مستمر بحيث يصعب معها تحديد تكلفة المنتج.

مؤكدا علي أهمية إنشاء كيان اقتصادي أو أكثر لضم ورش الأثاث وربطها بكافة تخصصاتها بأسلوب العناقيد الصناعية المتكاملة، حتي يكون لهم القدرة علي دراسة الأسواق والمنافسة وتحديد المواصفات والتصنيف والعلامة التجارية وتقديم خدمة مابعد البيع  مع  إبتكار وإحياء  تصميمات تعبر عن ثقافتنا وتاريخنا بشكل يجذب المستهلك .

وأكد مصباح علي ضرورة تفعيل دور المركز التكنولوجي في التدريب والتأهيل والبحث العلمي ،و إنشاء حضانة اقتصادية توفر التمويل لصغار المنتجين بدون فؤائد لفترات محددة علي أن يتم السداد في شكل منتجات للمصالح الحكومية داخل مصروللسفارات والقنصليات المصرية بالخارج ، مع توفير دهانات صديقة للبيئة من خلال التعاون بين وزارة الصناعة والبيئة.

التمويل

ويؤكد سعيد زكريا أحد مصنعي الأثاث ومؤسس الجمعية التعاونية لتوطين الصناعة ومستلزماتها ( تحت التأسيس ) ضرورة تفعيل قانون 19 المنظم للكيانات الإعتبارية التي تدير المحفل الصناعي والتجاري والخدمة النقابية العمالية ،مشيرا إلي أن  توطين الصناعة بدأ في عام 1920 ،ووصلنا إلي مائة عام صناعة وخبرة  وعندنا مثال ونموذج مشرف هو الحاج محمود الأصيلي الذي حصل علي أول سجل تجاري 1926 ، مشيدا بدور الدولة قائلا : ” الدولة كان لها الفضل من خلال مبادرة التمويل التي قدمت من خلال البنك المركزي بالشراكة مع جهاز تمويل المشروعات  في عام2021 وكان هدفها الحفاظ علي الصناعة رغم التحديات وكان  التمويل ، يبدأ من 700 ألف جنيه إلي 2مليون جنيه وكان قبلة الحياة لنا ،مؤكدا أن  المبادرة ينقصها التسويق وفتح مسارات للحفاظ علي الكيان إلي جانب الإسراع في تنفيذ الإتفاقية التي تمت بين مصر والدول الإفريقية من أجل عودة صناعة الأثاث الدمياطي إلي عهدها السابق  والذي حقق تميزا  في الأسواق العالمية المختلفة.

دعم

وفي تصريحات صحفية أكدت  نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة والرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر إن الجهاز قدم دعما تمويليا بإجمالي حوالي 228 مليون جنيه، لنحو 5156 مشروع أثاث وموبيليا ومنتجات خشبية في نطاق محافظة دمياط، خلال الفترة من أول يوليو 2014 وحتى 30 ابريل 2022، مما ساهم في تعزيز إنتاجية القطاع، ووفرت نحو 16 ألف فرصة عمل جديدة.

وأضافت أن القيادة السياسية تدرك جيدا أهمية صناعة الأثاث لمصر بشكل عام ولمحافظة دمياط بشكل خاص، باعتبارها تشكل مصدرا لرزق آلاف العمال وأصحاب الورش والمصانع بهذا القطاع، فضلا عن كونه يمثل قاعدة صناعية عريضة في المحافظة يمكن تصدير منتجاتها للخارج

وأوضحت “جامع:” أن جهاز تنمية المشروعات اعتمد على تقديم مختلف أوجه الدعم للأيدي العاملة الماهرة بقطاع الأثاث ماليًا وفنيًا، بدأت برفع الوعي للعاملين بالقطاع من خلال إتاحة مشاركتهم في ورش العمل والندوات التعريفية وعقد دروات تدريبية للمصنعين وأصحاب المشروعات الصغيرة على أفضل الممارسات في تنمية قطاع الأثاث باستخدام التكنولوجيا على ايدي خبراء دوليين، فضلا عن تنمية مهاراتهم في ممارسة آليات العرض وأساليب الترويج والتسويق الحديثة والتطبيقات الحديثة المستخدمة في التسويق والترويج للمنتجات، كالتصوير الاحترافي للمنتجات وتصميم المواقع الإليكترونية.