عن المفتش فتش

بقلم – عبد الوهاب خضر
رئيس التحرير

“عن المفتش فتش”.. جملة مقتضبة لكنها تحوي الكثير من الحقائق، واعتقد أنها مربط الفرس – كما يقول العامة- إن أردنا تنظيف الجرح ومعافاته، وفي مخيلتي واعتقادي المتواضع ومن خلال واقع خبرتي بالعمل الميداني، أكاد أجزم أن صلاح كافة مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة يبدأ من مراجعة ملف “التفتيش” واستقامة أوضاعه مع تهيئة الظروف الملائمة لعمل المفتش بما يمكنه من مزاولة مهام عمله واستعادة هيبته التي تعكس بالأساس هيبة الدولة ومدى تفعيل قوانينها.

عزيزي مفتش العمل، مفتش الصحة، مفتش الأوقاف، مفتش التعليم، مفتش الآثار، مفتش الداخلية… إلخ، دعني أصارحك أن أوضاع التفتيش ليست على ما يرام وقد تكون أنت دون أن تدري وبشكل غير مباشر أحد الأسباب المؤدية لذلك، فلقد غاب دورك لعقود طويلة حتى أن البعض بدأ يشكك في وجودك، ربما لأسباب خارجة عن إرادتك وربما بممارسات خاطئة توارثتها ممن سبقوك، بعيدًا عن أهداف الوظيفة والغرض من وجودها.

ودعني أصارحك أكثر وأخبرك أننا لسنا بصدد شن حملة ضدك، ولكني ألاحظ وعن قرب مدى اهتمام وزير القوى العاملة حسن شحاتة بقضية التفتيش وتوجيهاته الدائمة بالتطوير والمتابعة لاستقرار وتحسين بيئة العمل، لاسيما أن دور المفتش يعد محوريًا في تلك المرحلة التي تستعيد فيها بلادنا عافيتها، وتتطلع لإحداث نهضة شاملة، ولأنك عين الوزارة ولسانها الناطق بالقانون وقبضتها القوية التي تضرب بمطارق من حديد على يد كل مخالف ومخالفة، لازلنا ننتظر تقاريرك التي لا تخشى في الحق لومة لائم – مهما كانت سلطة اللائم ونفوزه- ونذكرك بأن انحيازك وولائك لابد وأن يكون للمصلحة العامة لا للأطراف.

واحذر التقاعس وغض الطرف عن الفساد، فأنت رقيب والله رقيبنا جميعًا، ووحدك ستحاسب أمامه عن حقوق ضاعت وواجبات لم تؤد وعن قوانين تعطلت وأخرى استبدلت بقرارات تستهدف المصالح الخاصة وتعليها على الصالح العام، وأنت كذلك المسئول عن ضبط إيقاع العمل داخل الشركات والمؤسسات، فكن دائمًا وجه الحقيقة وعنوانها واستخدم سلطاتك وما خوله لك القانون بكل حزم.

ولكل الوزارات الصديقة والأجهزة المعنية، أقول: إن مناقشة ومراجعة ملف التفتيش، بات أمرا إلزاميا علينا جميعا ويجب أن نعيده لمساره الصحيح، سواء بمناقشة المشكلات والمعوقات التي تواجه عمل المفتش أو بطرح مزيد من الصلاحيات والتدريبات المتوالية التي تمكنه من أداء مهمته.

ومن منطلق المقولة الأشهر “عن المفتش فتش” التي تؤكد أن صلاح المفتش من عدمه مرهون عليه صلاح بيئة العمل، لذا قررنا أن نبدأ بأنفسنا.

ولأننا لا نلقى أعيرة صوت من سلاح منتهي الصلاحية للفت الأنظار فقط، فقد بدأنا بأنفسنا في وزارة القوى العاملة منذ تولي الوزير حسن شحاتة الحقبة الوزارية وكانت أولى توجيهاته فتح ملف التفتيش وتعيين ما يقرب من ٢٠٠ مفتش جديد على مستوى الجمهورية، لضخ دماء جديدة من الشباب مع تدريبهم على طبيعة عملهم ومهامهم الموكلة، لتحقيق أهداف الدولة وحقها في وجود مؤسسات قوية ومنضبطة، ولأن الأمر لم يقتصر على الزج بتلك المجموعة الجديدة من المفتشين لسوق العمل فحسب، فقد وضعت الوزارة آليات وتوصيات جديدة للتفتيش على المفتشين القدامى ومراقبة أدائهم ومدى التزام وانضباط كل مفتش في موقعه وموافاة الوزارة بتقارير دورية مفصلة بما تم إنجازه أو الإخفاق فيه، لتحقيق مبدأ الثواب العادل أو العقاب الحازم لكل متقاعس أو صاحب يد مرتعشة.

في الأخير.. بلادنا تستحق أن تكون في مصاف الأمم وأرى أن ما يحاك لبلادنا داخليًا وخارجيًا قد وضعنا جميعا في موضع المسئولية، كل في مكانه وعلى قدر إخلاصه، فمصر التي ما بخلت بعزيز، تستحق منا كل جميل وليكن شعارنا جميعًا” “إن لم تستطع رد الجميل فكن أرقى من أن تنكره”.