Home الاخبار استراتيجية وطنية لجعل مصر مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر

استراتيجية وطنية لجعل مصر مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر

0
استراتيجية وطنية لجعل مصر مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر

توقيع ٢٣ اتفاقية لتنفيذ مشروعات «وقود المستقبل» باستثمارات تتخطى الـ 18 مليار دولار

المشروعات توفر نحو  100 ألف فرصة عمل جديدة

الطاقة المتجددة ستكون مصدر دخل محورى لمصر الفترة المقبلة

تحقيق: محمد مختار

خطط طموحة تنفذها الدولة لجذب استثمارات ضخمة لتنفيذ مشروعات عملاقة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كى تصبح مصر مركزا عالميا لإنتاج هذا النوع من الطاقة النظيفة، لتنويع الطاقة، وللحد من التلوث، وانطلاقا من تنفيذ ما تم فى مؤتمر المناخ الذى عقد مؤخرا بشرم الشيخ، حيث يعتبر الهيدروجين الأخضر هو طاقة المستقبل، وينتج بطريقة صديقة للبيئة من خلال التحليل الكهربائى للمياه، ويستخدم فى الأغراض المنزلية والصناعية والتجارية، ويحتوى الهيدروجين على ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة التى يحتويها الوقود الأحفورى، مما يجعله أكثر كفاءة، كما أنه متاح على نطاق واسع.

وأكد وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر أن لدى مصر قدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة فى العالم، وذلك بدءا من 2.68 دولار/ كجم فى عام 2025، وستنخفض  لتصل إلى 1.7 دولار/ كجم فى عام 2050؛ وذلك بما يمكن مصر من الاستفادة من قدراتها التنافسية، لتحقيق خطة طموحة والوصول إلى 8% من السوق العالمية للهيدروجين، مشيرا إلى العوائد الجمة لتلك الاستراتيجية، والتى تتمثل فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى لمصر فى حدود (10-18) مليار دولار بحلول عام 2025، فضلا عن إتاحة أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة فى حال زيادة استخدام القدرات المحلية بصناعات الهيدروجين، والمساهمة أيضا فى تخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وتحقيق المستهدفات الوطنية المتعلقة بتقليل انبعاثات الكربون، بما يعزز من مساهمة مصر فى تحقيق المستهدف العالمى المتعلق بتقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار 55 مليون طن سنويا بحلول عام 2050، مشيرا إلى أن الطاقة المتجددة ستكون مصدر دخل لمصر مثل البترول خلال السنوات القليلة المقبلة.

توقيع اتفاقيات

وأعلنت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة التابعة لوزارة الكهرباء عن توفير 1900 كيلو متر بمحافظة المنيا حتى الآن لمشاريع الهيدروجين الأخضر، وذلك لتنفيذ الـ 16 مذكرة التى تم توقيعها سابقا، حيث يصل عدد مذكرات التفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر نحو 23 اتفاقية، تستهدف وضع مصر كمركز لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة باعتباره وقود المستقبل.

ومن أبرز الاتفاقيات التى وقعتها الدولة لتنفيذها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس توقيع عقد شركة “سكاتك” النرويجية، وتستهدف إقامة منشأة جديدة بمنطقة السخنة لتصنيع الأمونيا الخضراء بسعة مليون طن سنويًّا قابلة للزيادة إلى 3 ملايين طن سنويًا، وكذلك توقيع عقد “أميا باور” الإماراتية، ويتضمن إنتاج 390 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًّا، حيث يبدأ التشغيل التجارى بنهاية 2025.

وتم أيضا توقيع عقد تحالف شركتى “زيرو ويست” المصرية و”إى دى إف رينيوابلز” الفرنسية لإنتاج الوقود الأخضر، ويقام المشروع بمنطقة السخنة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج 350 ألف طن من الوقود الأخضر، وتوقيع العقد الخاص بتحالف “توتال” الفرنسية و”إنارة كابيتال” المصرية لمشروع إنتاج 300 ألف طن من الأمونيا الخضراء بمنطقة السخنة، وكذلك توقيع عقد مع شركة “رينيو باور” الهندية بالتعاون مع مؤسسة السويدى لإقامة مشروع إنتاج الوقود الأخضر من هيدروجين وأمونيا على مساحة 600 ألف متر مربع، بإجمالى طاقة إنتاجية 1.1 مليون طن أمونيا خضراء سنويًّا، و220 ألف طن هيدروجين أخضر سنويًّا.

كما تم توقيع عقد شركة ” FFI Fortescue Future Industries” الأسترالية لإقامة منشأة لإنتاج الأمونيا الخضراء بحجم إنتاج إجمالى يتخطى مليونى طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، وعقد مع شركة “جلوباليك” البريطانية لإقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإجمالى إنتاج متوقع يصل إلى مليونى طن سنوياً، وعقد شركة ” الفنار” السعودية الذى يستهدف إقامة مصنع لإنتاج الوقود الأخضر بحجم إنتاج 500 ألف طن سنوياً، إضافة إلى عقد شركة “مصدر” الإماراتية و”حسن علام” المصرية لإقامة مشروع إنتاج الوقود الأخضر بمنطقة السخنة الصناعية لإنتاج ما يصل إلى 480 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا.

مستقبل الطاقة

ومن جانبه أكد الدكتور ماهر عزيز عضو مجلس الطاقة العالمى، أن الهيدروجين الأخضر يعد واحدا من أهم المقومات التى ستؤدى دورا كبيرا فى مستقبل الطاقة، ولذلك توليه الدولة اهتماما كبيرا خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أنه لن يؤدى دوره وحده، حيث يجب أن تسانده مزيج الطاقات الجديدة والمتجددة.

وتابع : أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يأتى من خلال تحليل مياه البحار تحليلا كهربيا، وتحتاج هذه العملية إلى كميات كبيرة من الكهرباء، لا يمكن أخذها من الشبكة الرئيسية للكهرباء، ولكن سيتم توليدها بالطاقة الجديدة والمتجددة، موضحا أن دخول الهيدروجين كمصدر للطاقة سيعزز بصورة كبيرة انتشار الطاقة الجديدة والمتجددة، والاثنان معا يؤديان دورا متساندا ضخما فى مستقبل الطاقة.

وأوضح عضو مجلس الطاقة العالمى أن أسعار الهيدروجين الأخضر لابد أن تكون تنافسية، حيث يوجد ما يسمى حدود التكنولوجيا، فهناك حدود لا يمكن أن تقل عنها هذه التكنولوجيا فى الجانب الاقتصادى أو فى الأسعار، فنحن مقيدون بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا فى إنتاج الهيدروجين الأخضر فى العلم، وأحدث ما يرتبط بها من اقتصاديات، موضحا أن الأسعار ستكون تنافسية فى حدود معينة بين الشركات المقبلة على الاستثمار فى الهيدروجين الأخضر فى مصر.

وأضاف : أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منتظر لها أن تكون محورا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فهذه المنطقة متوفر بها مصادر المياه، ومجتمعات المياه اللازمة موجودة، والأراضى اللازمة لإنشاء وحدات إنتاج الهيدروحين متوفرة، وأيضا الأراضى اللازمة لإنتاج الطاقات المتجددة حول وحدات الهيدروجين الأخضر متوفرة هى الأخرى، وبالتالى فهى تعتبر منطقة جيدة لاستثمارات الهيدروجين الأخضر.

وتابع أن الهيدروجين الأخضر مطلوب فى الدول الأوروبية بجانب السوق المحلية، وفى عديد من دول العالم منها اليابان، موضحا أن هناك أسوقا كبيرة فى العالم، ستجد فيها الدولة فرصة عظيمة للتسويق.

جميع المجالات

كما أكد الدكتور سامح نعمان العيسى خبير الطاقة الجديدة والمتجددة، أن الهيدروجين الأخضر يعد أحد العناصر الأساسية للطاقة فى المستقبل، ويعتمد فى إنتاجه على الطاقة المتجددة، موضحا أن الطاقة المنتجة من الهيدروجين الأخضر تمثل 3 أضعاف ما يتم إنتاجه من الطاقة التقليدية، ويستخدم فى جميع المجالات التى يستخدم فيها الوقود الأحفورى، من وقود للمركبات بجميع أنواعها أو توليد الطاقة أو لنظم التدفئة، وللمصانع كثيفة الطاقة.

موضحا أن عوادم الهيدروجين الأخضر عبارة عن “مياه مقطرة”، ولا تحتوى على ثانى أكسيد الكربون وبالتالى فهو غير ضار للبيئة، وهو موجود فى الغلاف الجوى بصورة طبيعية، ويستخدم تحليل المياه فى إنتاجه.

وأضاف ” العيسى” أن الهيدروجين الأخضر هو مستقبل الطاقة، وجميع الاستثمارات فى الطاقة ستتجه مستقبلا نحو الهيدروجين الأخضر، وهذا يتطلب توفير الطاقة المتجددة أولا لإنتاج الهيدروجين.

وفيما يخص تنافسية الأسعار قال: مثل كل المشروعات الجديدة التكلفة ستكون مرتفعة فى بداية الأمر، ولكنها مع الوقت ستكون منخفضة بحد كبير، ولكن سيتم تفضيله وسعره سينخفض بأقل من النصف، وسيكون لا غنى عن استخدامه كمصدر للطاقة، موضحا أن هناك استراتيجية جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ولكن الفيصل  هنا هو الكيفية التى سيدار بها هذا المشروع، حيث هناك أساسيات يجب توفيرها أبرزها إدخال التكنولوجيا الجديدة للمنطقة، وتوفير الإمكانيات الميسرة داخليا، وعدم استيرادها لخفض التكلفة، وبالتالى يعود على أسعار المنتج، بجانب زيادة الخبرة فى هذا المجال، وفتح المجال للتدريب، مشيرا إلى أن كل دول العالم تعتبر أسواقا مستهدفة للهيدروجين الأخضر، مؤكدا تكالب العديد من الدول للمشاركة فى مشروعات الهيدروجين الأخضر التى ستقام.

استثمارات ضخمة

وفى نفس السياق أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى، أن الدولة تخطط خلال الفترة المقبلة للاستثمار فى المشروعات القومية، وتم اعتبار الهيدروجين الأخضر واحدا من هذه المشروعات، موضحا أن قمة المناخ كانت بمثابة تثبيت قدرات الدولة فى جذب الاستثمارات، تقدر بحوالى 86 مليار دولار حتى عام 2030، مضيفا أن هناك حوالى 7 سنوات، لتكون هذه المشروعات قادرة على تدشين بنية تحتية استراتيجية فى الهيدروجين الأخضر، لافتا إلى توجه الدولة لاستغلال محطة بنبان للطاقة الشمسية، ليكون لها دور فى إضافة قيمة مضافة لمشروعات الهيدروجين الأخضر.

وتابع “بدرة” قائلا : إن هذه المشروعات والدخول باستثمارات ضخمة فى إنتاج الهيدروجين الأخضر، سيعمل على توفير النقد الأجنبى، وكذلك توفير فرص  عمل، وزيادة المشروعات القومية، وأيضا العمل على تحسين بيئة العمل داخل المجتمع، بالإضافة إلى استغلال هذه الطاقة للتوسع فى التصدير للخارج.

وأوضح أن أسعار طاقة الهيدروجين الأخضر ستتوقف على الآليات التى سيقوم بها المشروع وفرص تنمية هذه المشروعات، وكذلك خطة الدولة وآلياتها نحو المنافسة، موضحا أن هذا مشروع قومى، ومرحلة جديدة فى محدثات الطاقة، والدولة اتخذت خطوات جادة، ومنتظر أن نقوم بالتصدير للعديد من دول العالم، ولكن هذا الأمر متوقف على الشكل النهائى لبنية المشروعات التى سيتم تدشينها.

وأكد الخبير الاقتصادى أن الدولة تعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كى تكون محورا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مضيفا أن هذا يسمى الفرصة المتاحة أمام العالم، فمصر أتاحت المنطقة للاستثمار فى الهيدروجين الأخضر، كى تفيد فى استخدامات الطاقة المتعددة من وقود للسفن والمصانع، مؤكدا أن مصر أطلقت المبادرة الأولى لخلق بنية استثمارية عالمية فى إنتاج الهيدروجين الأخضر، وقدمت كل مالديها من تهيئة لمناخ البيئة للتوسع فى جذب الاستثمارات الخاصة بطاقة الهيدروجين الأخضر.