Home تحقيقات سكان العشوائيات للأوروبى:السكن الاَمن .. أهم حقوق الإنسان فى مصر

سكان العشوائيات للأوروبى:السكن الاَمن .. أهم حقوق الإنسان فى مصر

0
سكان العشوائيات للأوروبى:السكن الاَمن .. أهم حقوق الإنسان فى مصر

سياسة الجمهورية الجديدة لا تسمح بلفظ عشوائيات.. بل حياة كريمة للمصريين

التعامل مع المناطق العشوائية يسير وفق تنمية حياة بشكل كامل

تحقيق – انتصار سليمان

وأخيرا يستقيظ محمد محمود – طفل فى التاسعة من عمره – وشهرته “نملة” على شمس تشرق فى غرفته بحى الأسمرات3، ويشاهد الأشجار والتخطيط العمرانى المنظم للحى الذى انتقل إليه مؤخرا، بدلا من القمامة والبيوت القديمة التى اعتاد مشاهدتها فى الجيارة بحى مصر القديمة – مسكنه القديم –، ليبدأ يوم جديد مختلف تماما عن أيامه القديمة، ما بين المدرسة وملعب الكرة والمكتبة مع أصدقاء جدد من مناطق مختلفة، تربطهم ظروف وبيئة واحدة.

لا يختلف الأمر مع سعاد – ربة منزل من سكان حى الأسمرات 3 –  التى جاءت من بيتها القديم بعين الصيرة بـ ” شنطة هدومها” لشقة ” عروسة ” على حد قولها، بأثاث وأجهزة جديدة لم تكن فى بيتها القديم، مؤكدة أن حياتها تغيرت 180 درجة، فبعد رائحة المدابغ وخناقات الشارع ومنظر القمامة – التى اعتادت العين رؤيتها – تستقيظ اليوم على سيارات وعمال النظافة تجوب الشوارع، لإزالة حتى الورقة الصغيرة من على الأرض، تشاهد أجهزة الدولة أو “الحكومة” على حد تعبيرها تسيطر على الأمن وتزيل الإشغالات أولا بأول، لتحافظ على شكل الحى وتنظيمه.. وسعاد كـ ” أم ” سعيدة بمستقبل أبنائها، لم تعد تخشى من مطاردة البلطجية، والخوف عليهم من تعاطى المخدرات، فكل ما يشغل أبناءها حاليا هو ممارسة الرياضة والقراءة فى المكتبة، وأنشطة فنية وثقافية .. لم تعد تحتاج للخروج من المنطقة، فكل شىء متوفر لديها، حضانات، مدارس، وحدات صحية ومستشفى، مكتب بريد، موقف سيارات ومينى باصات، وحدة مطافئ، مركز شرطة، محلات وأسواق نموذجية..مستنكرة الحقوق التى يقصدها البرلمان الأوروبى.

العشوائيات غير الاَمنة

سعاد والآف الأسر مثلها، انتقلت من هامش المجتمع لقلبه .. الآف الأسر كانت تعيش فى أكثر من 350 منطقة عشوائية غير آمنة – وفق إحصاءات الجهاز المركزى للإحصاء والتعبئة – تأكل من القمامة، وتعيش وسطها بؤر للجريمة والإرهاب، يملئ الحقد قلوبها ضد مجتمع لا يعترف بها، ولا يشعر بوجودها .. حتى قررت الحكومة المصرية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى التعامل مع أخطر ملف رفضت الحكومات السابقة الاقتراب منه.

وبالفعل فى غضون 8 سنوات نجحت مصر فى القضاء على هذه الظاهرة، واستفاد ما يقرب من 240 ألف أسرة من برنامج تطوير وتنمية المناطق العشوائية غير الآمنة – وفق تصريحات المهندس خالد صديق المدير التنفيذى لصندوق التنمية الحضارية  – مؤكدا أن التعامل مع هذه المناطق العشوائية لا يسير وفق برامج تطوير وتخطيط عمرانى فقط، ولكنها برامج تنمية بيئية واجتماعية ونفسية ومادية وثقافية أى تنمية حياة بشكل كامل، فسياسة الجمهورية الجديدة لا تسمح بلفظ عشوائيات، بل حياة كريمة وحقوق متكاملة للمصريين، وهذا هو السبب فى تغيير اسم صندوق تنمية العشوائيات إلى صندوق التنمية الحضارية، فالأمر لا يتوقف عند توفير سكن بديل لسكان العشوائيات، ولكنها تنمية عمرانية شاملة داخل المدن المصرية وحياة كريمة لكل المصريين.

وقال “صديق” عقب الانتهاء من التعامل مع المناطق العشوائية غير الآمنة، وضعت الدولة مخططاً لتجميل وتطوير المناطق العشوائية غير المخططة – والتى تشكل نحو 40% من مساحة العمران فى مصر – وتحسين نمط الحياة بها، والانتهاء منها بحلول عام 2030، كما انتهت الدولة من تطوير 40 سوقاً عشوائياً من إجمالى 1150سوقاً، وتحويلها لأسواق نموذجية.

بيان الأوروبى

 يأتى ذلك فى وقت انتقد فيه البرلمان الأوروبى حقوق الإنسان فى مصر، ووصفها بـ “المتردية” غير عابئ بحركة التخطيط العمرانى التى شملت نسبة كبيرة من سكان مصر، فخطة الدولة للتطوير العمرانى لم تستهدف فقط المناطق العشوائية بتقسيماتها الثلاثة ” غير اَمنة، غير مخططة، أسواق عشوائية”، ولكنه سار فى خط مواز مع التوسع الكبير فى إنشاء المدن الجديدة التى وصل عددها إلى 52 تقريبا، بعدما توقفت فى فترات سابقة عند 28 مدينة جديدة فقط، حسب قول الدكتور يسرى فاروق داوود الأستاذ بالمعهد العالى للاقتصاد، لافتا إلى أن الإرادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسى وللحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى والوزارات كافة، تأبى أن تدخل الجمهورية الجديدة بنصف الشعب، وتترك النصف الآخر فى العشوائيات والحياة غير الآدمية.

وقال داوود: ” لا نقصد بالعشوائيات المناطق السكنية الخطرة فقط، على الجبال أو بجوار مخرات السيول والسكك الحديدية، ولكن التعامل مع التخطيط غير المنظم للأحياء السكنية والأسواق والشوارع فى قلب المدن، مرورا بإصدار قانون وقف البناء غير المرخص والتصالح الفورى فى مخالفات البناء، وتطبيقه بشكل تجريبى وتشديد العقوبات لمخالفته، وقصر البناء على المدن الجديدة.. مشيدا بخطط الدولة فى التعامل مع كل منطقة على حدة، بحسب طبيعة المنطقة وسكانها، فما حدث فى الأسمرات والمحروسة والسلام، لا يتناسب مع حدائق أكتوبر ومنطقة ماسبيرو، أو الأبراج المخالفة بجوار الطريق الدائرى.

بداية النهاية

بدورها أثنت الدكتورة هويدا محمود أبو الغيط أستاذ الإدارة العامة بمعهد أكتوبر العالى للاقتصاد، على طريقة التعامل مع ملف العشوائيات، حيث تم التعامل مع العشوائيات غير الاَمنة بتوفير السكن البديل المؤثث، مع خلق فرص عمل قريبة – وهو عبء ثقيل تحمله حكومة الرئيس السيسى فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، كما تعاملت مع مناطق أخرى بطريقة الإحلال والتبديل مثل منطقة روضة السيدة، ومثلث ماسبيرو، والحى السادس بمدينة نصر، وذلك عبر التفاوض مع الأهالى والقبول بالتعويضات للملاك تعادل سعر السوق، أو العودة لنفس المكان بعد تطويره، كما حرصت الحكومة على إنشاء مشروعات تنموية على أراضى المناطق العشوائية التى تم إخلاؤها بسرعة حتى لا يستغلها أحد أو يعود لها سكانها.

وأكدت “أبو الغيط” أن العمل يجرى الآن لتجفيف منابع العشوائيات والقضاء عليها، ، وفى نفس الوقت يتم التوسع فى بناء مدن جديدة، والتصدى بقوة للمخالفات والإشغالات للحفاظ على المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة.

بناء الإنسان

لم يتوقف التعامل مع سكان المناطق العشوائية عند توفير سكن بديل مؤثث، أو إحلال وتجديد المنطقة بكامل خدماتها، ولكن عكفت أجهزة الدولة ومؤسساتها على تغيير حياة الناس وتعديل سلوكهم، فقامت المنظمات الأهلية بتكثيف الدورات وورش التدريب للفتيات والسيدات على الأعمال اليدوية واستغلال مهاراتهم، كما تحرص الشركات والمصانع على تنظيم ملتقيات العمل بصفة مستمرة لخلق مصدر دخل لهم، وتنظم فعاليات اجتماعية وفنية مختلفة لتنمية الوعى والمشاركة الاجتماعية، مع التركيز على الأطفال وتدريبهم على أنشطة إبداعية.

 وبحسب قول ” نملة ” طفل الأسمرات فغير مسموح له الذهاب إلى المدرسة بغير الزى الموحد وشنطته المدرسية النظيفة – التى تسلمها هدية من إحدى الجمعيات الأهلية – بعكس مدرسته القديمة التى كانت تسمح لطلابها بأى ملابس، كما أن الطلاب المتفوقين دراسيا يمكنهم المشاركة فى العديد من الفاعليات داخل الأسمرات وخارجها، لذا يحرص طلاب المدرسة على الالتزام والتفوق، مؤكدا أنه حريص على نظافة الأسمرات وبيته الجديد.