Home الاخبار “أزمة اللحمة” تبحث عن حل كلمة السر صغار المربين الإفتاء تؤكد جواز تقسيط الأضحية

“أزمة اللحمة” تبحث عن حل كلمة السر صغار المربين الإفتاء تؤكد جواز تقسيط الأضحية

0
“أزمة اللحمة” تبحث عن حل كلمة السر صغار المربين الإفتاء تؤكد جواز تقسيط الأضحية

تحقيق – نجوى لطفى

شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا فى أسعار اللحوم، وتراوحت أسعارها ما بين 300 إلى 350 جنيها للكيلو الواحد من اللحوم البلدية، كذلك ارتفعت اللحوم المستوردة من 230 إلى 250 جنيها لسعر الكيلو، حسب بلد المنشأ .. وأزمة ارتفاع أسعار اللحوم ليست ظاهرة مصرية فقط بل إن لها ظلالا عالمية، فقد صدر أحد التقارير الاقتصادية نشرته الصحف الأوروبية بأن هناك ارتفاعا فى الأسعار وصل إلى 80%، وذلك بسبب الجفاف الذى أثر على إنتاج العلف، وهو ما أدى بطبيعة الحال على التأثير سلبا على الثروة الحيوانية، وارتفاع أسعار الأسمدة أيضا، بجانب ارتفاع أسعار الطاقة، وبحسب التقرير فإن إنتاج الحبوب والعلف شهد انخفاضا بنسبة 14.3%، كما شهد قطاع الألبان انخفاضا بلغ 12.5%، وفى أسبانيا تسبب الجفاف فى مارس الماضى فى انخفاض كبير فى المحاصيل الزراعية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفعت أسعار الحبوب بنسبة 42% ، ومحاصيل العلف الحيوانى بنسبة 46%، وهكذا فارتفاع أسعار اللحوم ليست ظاهرة مصرية فقط بل ظاهرة عالمية، وإن تعددت الأسباب ولكن النتيجة واحدة.

فى مصر ارتفاع أسعار اللحوم ناتج عن أسباب عديدة، كما أقر العديد من القصابين بأن ارتفاع أسعار العلف، وعجز صغار المربين عن استكمال مشاركتهم فى منظومة الإنتاج الحيوانى، وخروجهم شبه الكامل من المنظومة، وترك الساحة لكبار المربين من أسباب ارتفاع الأسعار.

ومع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك والذى اشتهرباسم عيد اللحمة، أصبحت مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم فى مصر أزمة وحديث كل بيت مصرى، فالأيام تمضى والعيد يقترب، وأسعار اللحوم تتفاقم فما أسباب المشكلة وما الحل؟

مشكلة مزمنة

يقول الدكتور إسماعيل متولى أستاذ بكلية الزراعة إن مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم فى مصر ترجع إلى أسباب عديدة متوطنة فى مصر منذ عشرات السنين، وفشل العديد من المشروعات التى كانت تحاول إنعاش الإنتاج الحيوانى وتنميته لسد الاحتياجات الغذائية منه والاكتفاء الذاتى، للأسف نحن لا ننتج إلا حوالى 30% من استهلاكنا من اللحوم الحمراء، ونستورد حوالى 70% ، وأيضا من ضمن المشاكل التى تواجه السوق المصرية ارتفاع أسعار العلف، فنحن لا ننتج الأعلاف بل نستورد  80% من العلف الحيوانى، مما يؤدى إلى مشكلة كبيرة تتفاقم وتكبر مع الوقت، مضيفا أن أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء الجنونى هذه الأيام يعود إلى نفس أسباب ارتفاع أسعار الدواجن من قبل، فالمشكلة تكمن فى العلف، وارتفاع سعره، واستيراده بمبالغ كبيرة من العملة الصعبة، مما أدى إلى حجز شحنات الأعلاف فى الموانى لشهور طويلة، كل ذلك أثر بشكل كبير على صغار المربين، الذين اعتبرهم رمانة ميزان السوق المصرى، فخروج صغار المربين من منظومة الإنتاج يشكل خسائر فادحة لعدم وصول الأعلاف إليهم، مما اضطرهم للتوقف عن الإنتاج، كما أن ارتفاع أسعار الدولار جعل المربى الصغير لا يستطيع الدخول مرة أخرى فى منظومة الإنتاج، حتى بعدما حلت الحكومة المشكلة، وأدخلت كميات كبيرة من الأعلاف إلى الأسواق، لعجزهم عن شراء الأعلاف أو الرؤوس الحيوانية، وبالتالي ترك صغار المربين السوق للكبار الذين احتكروا السوق دون وجود منافسة من صغار المربين.

قروض ميسرة

ويرى دكتور متولى أن حل المشكلة يكمن فى اهتمام وزارة الزراعة بصغار المربين وإعطائهم قروضا ميسرة بدون فوائد أو بفائدة قليلة، ومتابعتهم من خلال الأجهزة الرقابية لصرف هذه القروض فى مشروع الإنتاج الحيوانى، كذلك إمدادهم بالسلالات الجيدة التى تحسن من جودة الإنتاج الحيوانى، وتربى اللحم واللبن بكميات وفيرة، كما يجب على الوزارة ضرورة توعية الفلاحين وصغار المربين بالطرق الحديثة لتنمية الثروة الحيوانية الموجودة، ويعتبر هذا الحل من الحلول متوسطة الأمد، أما الحلول التى اعتبرها قصيرة الأمد ونحتاجها الآن بشدة، هو فتح باب الاستيراد من دول أفريقيا لرؤوس الماشية والخراف حية ومذبوحة، وأن تكون العملة المستخدمة عملة الجنيه المصرى بالتبادل مع العملات الأفريقية، فهم يحتاجون منا أشياء، ونحن نحتاج منهم أشياء أخرى، ومن خلال هذا التبادل التجارى سيتم انعاش السوق المصرى بكميات وفيرة من اللحوم، وعندما يكثر المعروض تقل الأسعار، هذا ما يقوم عليه نظام السوق الذى تنتهجها الحكومة المصرية فى سياساتها الاقتصادية، فالحل يكون بالاستيراد من أفريقيا أو استراليا أو أمريكا الجنوبية حيث الأسعار الأقل والجودة المناسبة، وليس هذا حلا جذريا بل حل مؤقت لتجاوز هذه الأزمة والخروج منها بشكل سريع وآمن.

ترشيد الاستهلاك ومساعدة الفقراء

وترى دكتورة نادية عتمان الأستاذ بكلية التربية النوعية بأن عيد الأضحى المبارك يقترب، وأن الأسرة عليها مسئولية كبيرة فى هذا العيد من خلال ضبط الميزانية بقدر الإمكان، مع توفير الاحتياجات الأساسية وإيجاد بدائل جيدة للحوم الحمراء البلدية، وذلك بتدريب الأسرة على استهلاك اللحوم المجمدة المستوردة من السودان أو البرازيل، فهذه اللحوم ذات جودة عالية حيث تربى فى المراعى الطبيعية، وعلى الأعلاف النباتية، ويكشف عليها أكثر من مرة سواء فى بلد المنشأ أو عند الذبح، أو فى الموانى المصرية عند استلام شحنات اللحوم المستوردة، وهذا يجعلها آمنة تماما، والسيدة المصرية لديها قدرة كبيرة على إعداد أصناف عديدة حسنة المذاق من هذه اللحوم، واعتقد أن أهلنا فى الخمسينيات والستينيات كانوا يعتمدون على اللحوم والدواجن المجمدة، وفى السبعينيات والثمانينات لم يكن هناك إلا يومان فى الأسبوع لذبح العجول والماشية للاستهلاك المحلى، واعتقد أن معظمنا مازال يتذكر هذه الأيام، فمن المؤكد أن حجم الاستهلاك والنوعية والكمية بيد ربة الأسرة المسئولة عن اقتصاد الأسرة، والتى يجب أن تكون لديها الخبرة الكافية فى ترشيد الاستهلاك، إما بتقليل الكميات وتغيير نوعية الاستهلاك حتى تستطيع الأسرة أن تمر من أزمة ارتفاع اللحوم سواء البيضاء أو الحمراء، أما عن الأسر التى لديها القدرة المالية، وتستطيع أن تذبح الأضاحى فعليها واجب كبير تجاه الآخرين، فليكن هذا العيد عيدا مختلفا، فعلى كل أسرة أن تخرج أغلب لحوم الأضحية للفقراء الأقارب غير القادرين على شراء اللحوم، وأن يكتفوا بالربع أو الأقل، ولا يخزنون لحوم الأضحية وحولهم آخرين لا يملكون شراء قطعة لحم، فليكن العيد للجميع غنيا وفقيرا، علينا أن نعيد سياسة التكاتف الاجتماعى، وأن يشعر كل جار بجاره وأقاربه وأصدقائه، فإذا رفعنا الاحتياج عن الدائرة المقربة سنشعر بالسعادة عن تناول مائة كيلو من اللحم.

الإفتاء: تقسيط الأضحية جائز

وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز تقسيط أضحية العيد نظرا لما تشهده البلاد من ارتفاع أسعار الأضاحى، وعجز نسبة لا يستهان بها ممن كانوا يضحون عن شراء الأضحية بالسعر الفورى، ولكن يستطيعون شراءها بالتقسيط، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رقم 273 تؤكد أن شراء صك الأضحية بالتقسيط جائز شرعًا ولا حرج فيه، سواء أكانت الأقساط متقدمة على الذبح أو متأخرة عنه، ولا يؤثر ذلك في قبولها عند الله، ولا في حصول الأجر والثواب عليها، وقد ورد في السنة نحو ذلك فيما أخرجه الدار قطني في «سننه» عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ».