Home الاخبار موت الفجأة.. نهايات بلا مقدمات 8 ملايين يفارقون الحياة سنويا الموت ليلا أبرز أشكاله والشباب أكثر ضحاياه علماء الدين: ليس دليلا على سوء الخاتمة ولا يعفى من السكرات متخصصون: الحزن ومتلازمة “القلب المكسور” أهم أسبابه

موت الفجأة.. نهايات بلا مقدمات 8 ملايين يفارقون الحياة سنويا الموت ليلا أبرز أشكاله والشباب أكثر ضحاياه علماء الدين: ليس دليلا على سوء الخاتمة ولا يعفى من السكرات متخصصون: الحزن ومتلازمة “القلب المكسور” أهم أسبابه

0
موت الفجأة.. نهايات بلا مقدمات 8 ملايين يفارقون الحياة سنويا الموت ليلا أبرز أشكاله والشباب أكثر ضحاياه علماء الدين: ليس دليلا على سوء الخاتمة ولا يعفى من السكرات متخصصون: الحزن ومتلازمة “القلب المكسور” أهم أسبابه

تحقيق- ميادة رجب

“البقاء لله”.. عبارة قاسية توشى بأن أحدهم قد فارق الحياة، إلا أنها كانت تأتى مسبوقة بمقدمات وأسباب تفسر الرحيل، سواء كانت تلك الأسباب متعلقة بمرض، أو كبر السن، أو حتى التعرض لحادث أودى بالحياة، ولكن وعلى مدى سنوات ليست بقليلة، سجلت دفاتر الوفيات أعدادا كبيرة من الشباب فى قطاعات شتى، وغَيّب الموت الكثيرين دون أدنى مقدمات أو إشارات، توحى باقتراب الأجل، وهو ما جعل من “موت الفجأة” ظاهرة مخيفة، تستوجب البحث والتفكر، وطرح بعض التساؤلات على المختصين.

أبرزهم رجال دين وفن وكرة وقلم

ولعل آخر الشخصيات العامة التى لقت حتفها بشكل مفاجئ، وانتفض لرحيلها المجتمع المصرى والعربى هو رحيل الشيخ عبد الله كامل، ذلك الداعية الإسلامى كفيف البصر الذى لم يتجاوز الأربعين من عمره، ووافته المنية فجأة أثناء رحلته الدعوية فى الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ما كان يتمتع به من قوة بدنية وجسد صحيح، ليلحظ مرافقوه تأخره عن إمامة المسلمين فى صلاة الظهر، ليتفاجأ من بعدها الجميع بأن الشيخ نام نومته الأخيرة حيث لم يكتب له الاستيقاظ  ولا الحياة بعدها، وهنا تصدر خبر وفاته مواقع التواصل الاجتماعى، وكان بمثابة صاعقة لأهله ومحبيه، فكيف لرجل كان بيننا منذ ساعات يموت فجأة دون أى أعراض أو عِلة تذكر؟

ومن الشيوخ لأهل الفن حيث استكمل الموت رحلة حصاده، وبفارق أيام معدودات لم تسمح باستيعاب ما حدث للشيخ عبد الله، استيقظ الشارع المصرى على صدمة جديدة لوفاة الفنان الشاب مصطفى درويش -فجأة- رغم تفاعله مع جمهوره عبر تويتة نشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعى فجرا، وتفاعل من خلالها مع جمهوره قبل ساعات من رحيله المفاجئ.

وما بين أهل الفن ورجال الدين لم تخل صفحات التواصل الاجتماعى “فيس بوك” وبشكل يومي من نعى أحد الأطباء الشبان وسقوطه مغشيا عليه أثناء تأدية عمله بالمستشفى، ليلفظ أنفاسه الأخيرة فى ثوان معدودة، لم تفلح معها كل محاولات الإنقاذ! وهو التوقيت ذاته الذى تقرر عروس فى يوم زفافها وبعد أن استعدت بكامل زينتها أن تؤدى صلاة العصر قبل الشروع فى مراسم الزفاف، بل وأصرت على مسح جميع المساحيق من وجهها بعد جدال طويل مع كل من حولها لإقناعها بتأجيل الصلاة، إلا أنها أصرت على الصلاة حتى جاءت لحظة السجود الطويل التى حولت مراسم الفرح لمأتم وحزن يقتلع القلوب.

ومن أصحاب الأيادى البيضاء وبهجة الأعراس إلى الساحات الخضراء التى تحمل فوق ظهرها أبطال فى ريعان الشباب وفى كامل لياقتهم البدنية والصحية ركضا خلف كرة مستديرة حيث يقف الزمان لبرهة لينقلب الملعب رأسا على عقب بسقوط أحد اللاعبين فجأة ودون مقدمات ليعلن بعدها نبأ الوفاة الحتمي.

وقبل سنوت قليلة وكعقد انفرطت حباته، غيب موت الفجأة العديد من الأقلام الصحفية الشابة لأبناء صاحبة الجلالة، بينهم الثلاثينى محمد الجوهرى الصحفى بـ “البوابة نيوز” والعشرينى رضا غنيم، الصحفى بـ “المصرى اليوم” وغيرهم الكثير ممن فارقوا الحياة فجأة -ليلا- حيث راحوا فى نوم عميق لا رجعة فيه.

كما لم تخلو مقاطع الفيديو عبر “يوتيوب” من تكرار مشهد سقوط ساسة ومحللين وأهل علم و فن وطرب ودين، ليظهر المقطع ذلك الشخص وهو يقع مغشيا عليه فجأة أثناء حديثه أمام المذياع والحضور لتحين النهايات الصادمة والمباغتة لما يعرف بـ “موت الفجأة” فى رحلة لا تستغرق أكثر من ثوان يلقى فيها المتوفى ربه، ليترك من بعده آلاف التساؤلات والتعجبات المتعلقة بالوفاة.

تعريفه

يُعرف “موت الفجأة” أو ما يسمى علميا بمتلازمة الموت المفاجئ، بأنه حالة تصيب الإنسان، وتؤدى فورا للوفاة دون أسباب واضحة أو معروفة، وتُسمى هذه المتلازمة أيضا بالموت غير المتوقع، أو الموت الليلى المفاجئ ويكون العامل المشترك فى كل وفاة هو عنصر الفجأة دون أسباب مرضية أو أعراض تنذر بالخطر.

“تعددت الأسباب والموت واحد”.. حكمة هى الأشهر لطالما أكدت حتمية الموت مع تأكيدها بأن للموت أسباب -فى غالب الأمر-  لذا دائما ما يتساءل الناس عن سبب الموت فور إخبارهم بوفاة شخص ما ليكون أول تعليق على خبر الوفاة: هو كان تعبان ولا دى حادثة؟  وعنده كم سنة؟ حيث ارتبط التقدم فى العمر والمرض فى ذهن العامة كأسباب منطقية ومقنعة للموت باعتبارهما جنودا أو رسلا من الله للمتوفى قبل موته ليشرع فى إعداد حقائب الرحيل، ولكن فى الآونة الأخيرة تعددت حالات الموت بلا سبب واحد، خاصة بين الشباب من الجنسين لتتشكل بذلك ظاهرة غريبة تدعو للمراجعة.

ليس دليلا على سوء الخاتمة

استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من موت الفجأة، كما استعاذ من شرور كثيرة فى الدنيا، وهو ما أوجب الاستعاذة بين المسلمين من هذا النوع من الموت، مخافة أن يكون دليلا على سوء الخاتمة، وهو ما نفته إجابة فضيلة الدكتور على جمعة مفتى الديار الأسبق الذى أكد أن موت الفجأة مهمته تذكير الأحياء ووعظهم وأخذ العبر ممن كانوا معهم منذ دقائق وسبقوهم للدار الآخرة فى لحظات، وهو تنبيه لكل من كان له قلب سليم، ولا يعد علامة على سوء خاتمة الميت على الإطلاق.

لا يعفى الميت من السكرات

هل يعفى الميت من سكرات الموت فى تلك الحالة أم أن السكرات أمر حتمى على الجميع؟ سؤال يتبادر إلى أذهان من يبحثون فى هذه الظاهرة، حمل خلفه جدلا واسعا بين العلماء، ما بين نفى لتعرض الميت للسكرات، وبين تأييد لحدوثها، وهو رأى تبناه الغالبية من أهل الدين بينهم دكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حيث أكد أن الروح والسكرات من الغيبيات وعلمها عند الله، ولا أحد يستطيع أن يجزم بصعود الروح دون سكرات سواء كان موتا مفاجئا أو بمقدمات ولكن كيفية ومدة السكرات فهذه علمها عند الله .

ويؤكد أن انتشار موت الفجأة يعد من أشراط الساعة، التى تحدث عنها الرسول الكريم مستعيذا منه، لأنه ربما لا يدع وقتا كافيا لتهيئة المسلم ومن حوله من الأهل لمصيبة الموت، فضلا عن أنه يحرمه أجر الصبر على المرض، ولا يعطيه الوقت الكافى لسداد الديون والتحلل من المظالم وغيرها من الفرص الربانية التى تعد بها حقائب الرحيل.

يحصد الشباب تحت 35

من يتابع الأحداث عن كثب يتأكد أن الشارة السوداء التى حلقت مؤخرا على صفحات الميديا، يدرك أن الموت لم يقتصر على فصيل بعينه، ولكنه اختص وبشكل لافت للانتباه قطاعا كبيرا من الشباب لاسيما شباب الأطباء وتخصصات القلب، الذين كان لهم النصيب الأكبر من أعداد تلك الوفيات، وهنا استفاض دكتور جمال شعبان عميد معهد القلب الأسبق فى الحديث: موت شباب الأطباء ربما لزيادة ساعات العمل التى قد تمتد لثلاثة أيام متصلة وهو ما يسبب الإجهاد ويؤثر على عضلة القلب أما باقى الفئات فالأسباب كثيرة ومتشعبة.

وأضاف طبيب القلب أن من أهم أسباب موت الفجأة وخاصة لمن هم دون الـ 35عاما: اختلال كهرباء القلب وجلطة الشريان التاجى بسبب زيادة الكوليسترول، وارتفاع ضغط الدم، وتناول المسكنات بشكل دائم ومفرط، وتعاطى المخدرات والتدخين، ولا نغفل أبدا التاريخ المرضى للأسرة خاصة لو كانت بها حالة موت مفاجئ فعلى هذا النوع أن ينتبه جيدا لحالته الصحية، وأن يقوم بفحوص دورية على القلب ويطمئن على الضغط .

فحوصات ونصائح

كما حذر مما يعرف بـ”متلازمة القلب المكسور” التى تؤدى للوفاة بسبب الحزن الشديد ناصحا الجميع بـ “ماتزعلوش” لأن الحزن بالفعل يتسبب فى انكسار القلب، مع ضرورة عمل فحوصات دورية أهمها رسم القلب العادي، اكتشاف الضغط ومتابعته، فحص السكر والكوليسترول وضبطهما، واجتناب التدخين والمخدرات والهرمونات والمسكنات ومتابعة مضاعفات ما بعد كورونا، والحفاظ على الوزن المثالى إلى جانب ممارسة رياضة المشى والتكيف مع ضغوط الحياة ونوائبها.

إحصاءات

يختطف “موت الفجأة” قرابة 8 ملايين شخص سنويا على مستوى العالم، منهم 300 ألف شخص من الولايات المتحدة الأمريكية، فى حين تقدر نسبة الوفاة بـ 85 % لمن هم فى عمر الثلاثين – بحسب بعض التقارير المنشورة على موقع “سند”.

ويبقى موت الفجأة، علامة استفهام تحمل خلفها غموضا ودروسا وعِبَر لكل من له قلب سليم، ولازال على قيد الحياة.